العوامل المؤثرة علي تركيب الحليب

بسم الله الرحمن الرحيم

تصنيع الالبان
Milk Manufacturing

أ. د.ابراهيم بشارة محمد

جامعة كردفان— كلية الموارد الطبيعية والدراسات البيئية

العوامل المؤثرة علي مكونات الحليب

ليس الحليب بسلعة تجارية متجانسة بل يختلف تركيبه بصورة ملموسة من سلالة الي اخري. ومن بقرة الي اخري ومن وقت لاخر.أما الاسباب الرئيسية لهذه الاختلافات فهي بعض العوامل المؤثرة علي فسيولوجيا الحيوان. ايضا هناك اختلافات تنتج عن معاملات تصاحب وتعقب عملية الحلب. أن أهمية المعلومات الخاصة باختلاف تركيب الحليب حقيقة ثابتة.

ان التغيرات التي تحدث في تركيب الحليب يصاحبها تغير وتباين في القيمة الغذائية لهذه المادة والذي ينعكس ايضا علي اهميته الاقتصادية. أن اثر مثل هذه الاختلافات يكون محسوساً في غذاء الانسان خصوصاً عندما يشكل الحليب نسبة عالية من غذاء الشخص كالاطفال. أن التباين الذي يحدث في تركيب الحليب هو تباين كمي أكثر ما هو تباين نوعي. بمعني اخر ان الحليب المأخوذ من مصادر مختلفة وبغض النظر عن سلالة الحيوان وحتي النوع سيكون محتوي علي نفس المكونات.

الا اننا لو اردنا دراسة طبيعة البروتينات أو الدهون دراسة نوعية لوجدت هناك فروقات واختلافات وان أوسع الاختلافات الكمية تحدث في الدهون ثم البروتينات يتبعها اللاكتوز والاملاح .  أن أهم العوامل المسببة في تباين تركيب الحليب ما يلي:

1- عوامل وراثية Genetic factors

2- عوامل بيئية Environmental factors

العوامل الوراثية

ان اكثر مكونات الحليب تغييرا هو الدهن ويتبعها بذلك المواد الصلبة اللادهنية، لذلك فانه عند انتخاب الابقار على اساس نسبة الدهن العالية فان ذلك سيؤدي الى الحصول على ابقار يحتوي حليبها على نسبة عالية من المواد الصلبة اللادهنية، كتحسين مرتبط Correlated response مع زيادة نسبة الدهن.

 

 

 

لكل نوع من الحيوانات تركيب وراثي مميز في مكونات الحليب ، الجدول ادناه يقارن بين تركيب حليب الابقار مع الحيوانات الاخري:

النسبة المئوية لمكونات الحليب %
الرماد	اللاكتوز	البروتين	الدهن	الماء	الحيوان
0.21	7.18	1.19	3.11	88.30	الانسان
0.65	4.80	3.50	3.80	87.25	ابقار
0.55	4.54	3.21	3.82	87.88	الماعز
0.89	4.91	6.52	6.86	80.82	الضأن
0.89	3.74	6.03	12.46	76.89	الجاموس
0.70	3.36	2.98	5.38	87.61	الجمل

 

 يلاحظ من الجدول ادناه ان نسبة البروتين في حليب الانسان اقل عما هو عليه في حليب الابقار، كذلك الحال بالنسبة للدهن ولكن بدرجة اقل الا ان حليب الانسان يتميز بارتفاع نسبة اللاكتوز. اذا ان تأثير سلالة الحيوان تشكل عاملاً مهماً في تحديد هذه الصفات.

يلاحظ من الجدول ادناه ان هناك تبايناً في مكونات الحليب بين السلالات ويمتد هذا التباين بين الابقار في القطيع الواحد، فمثلا نسبة الدهن تختلف بين السلالات ولكن هذا التباين قد يزداد ضمن السلالة الواحدة اكثر من الاختلاف بين السلالات

الحيوان	الفيريزيان	الجرسي	الجاموس
نسبة الدهن %	3.2- 3.7	5	11

 

 

يوجد اختلاف واضح في تركيب الحليب بين العروق المختلفة (السلالات المختلفة) وخاصة في نسبة الدهن بينما الأملاح المعدنية والسكر أقل اختلافاً وتكرار الجين هو الذي ينظم النوعية للحليب بين العروق المختلفة. مثال ذلك بعض أبقار الهولشتاين تنتج حليب يحتوي 5% دهن وبعض الجرسي ينتج حليب به دسم أقل من متوسط إنتاج دهن الهولشتاين. عند اختلاف نسبة الدهن في الحليب يتبعه اختلافا في حجم حبيبات الدهن (قطر دهن الحليب يختلف من 1-10 ميكرون) ، فالحليب الذي نسبة الدهن فيه منخفضة تكون حبيبات الدهن اصغر مقارنة بالحليب العالي الدهن كما في حليب الفريزيان والجرسي. بشكل عام الأنواع ذات نسبة الدسم العالية قطر حبيبات الدهن بها يكون أكبر. يقدر المكافئ الوراثي لدهن الحليب بحدود 0.30 وهذا يعد ضمن المكافئات المعتدلة يتبعه في ذلك المكافئ الوراثي للمواد الصلبة اللادهنية تقع ايضا ضمن المكافئات المعتدلة (0.35). تتحكم الوراثة ايضا بقدرة الحيوان على تحويل الكاروتين (الصبغة الصفراء) الى فيتامين A فأبقار الجرسي والجرنسي تكون اقل قابلية على تحويل الكاروتين الى فيتامين A فيكون حليبها ابيض ناصع.

يلاحظ انه بزيادة نسبة الدهن في تركيب الحليب تزداد محتوياته من الجوامد اللادهنية.  وتكون الاختلافات بين ابقار السلالة الواحدة لاسباب وراثية ولحد ما لتأثيرات البيئة المحيطة بالحيوان. فمن الحقائق ان كمية الدهن صفة موروثة ومستقلة عن قابلية الحيوان لانتاج الحليب كذلك تشير بعض الدراسات ان كمية البروتين واللاكتوز يفرزان بصورة مستقلة عن الدهن. ومن ذلك يظهر ان كمية مكونات الحليب(بروتين،سكر،دهن) تعتمد علي عوامل وراثية مختلفة . وان تركيب الحليب فقط يمثل العلاقة بين كميات هذه المكونات والحجم الكلي للحليب المنتج . فالعوامل الوراثية تقرر طاقة الحيوان لانتاج كمية معينة وبصفات معينة. أما العوامل المحيطة والفسيولوجية فتؤثر بدرجة كبيرة علي كمية وتركيب الحليب المنتج فعلياً.

 

 

جدول قيمة المكافيء الوراثي لبعض الصفات

صفات انتاج الحليب	معدل المكافيء الوراثي %	متوسط قيمة الماكافيء الوراثي%
كمية الحليب خلال الموسم	20-42	31
كمية الدهن	40-50	45
نسبة الدهن	50-70	60
نسبة البروتين	50-70	60
نسبة الجوامد الصلبة غير الدهنية	50-70	60
طول موسم الحليب	20-25	22

 

العوامل البيئية:

التغذية Nutrition

للتغذية دور فعال في التأثير علي نسبة الدهن.ان اعطاء الحيوان غذاء اكثر مما يحتاجه للادامة والانتاج وليس له تاثير علي تركيب الحليب. وان التغذية الزائدة تؤدي الي السمنة أما التجويع او التغذية الناقصة ينتج عنها قلة الحليب ونقص المواد الدهنية المختزنة وفي بعض الحالات يصاحب النقص في الانتاج زيادة نسبية في نسبة الدهن.كما ان تجويع الحيوان يتسبب في نقص مستوي المواد الصلبة غير الدهنية بنسبة صغيرة.  للتغذية دور فعال في التأثير علي نسبة الدهن. فالتغذية علي مواد مركزة بنسبة عالية تؤثر علي انخفاض نسبة الدهن خاصة في الحيوانات ذات نسبة الدهن المنخفضة.

أما بالنسبة للتغذية الناقصة يتسبب عنها قلة كمية الحليب ونقص المواد الدهنية المختزنة وارتفاع نسبة الدهن. ان تاثير العليقة علي مركبات الحليب درست بعناية خاصة الاعلاف الخشنة و نسبة الدهن والبروتين والمعادن في العليقة. حيث لوحظ نقص ملموس في نسبة الدهن 0.5% عندما تكون عليقة الحيوان حاوية علي كميات قليلة من الاعلاف الخشنة، أما المواد الصلبة غير الدهنية فانها لا تتاثر بصورة ملموسة وثابتة بنقص العليقة.  . لذا لابد ان تكون النسبة بين المركزات والاعلاف الخشنة مناسبة مثلاً 40:60% من المركزات والاعلاف الخشنة علي التوالي.

للاعلاف الخشنة تأثير علي نسبة الدهن في الحليب حيث تزيد بزيادة الاعلاف الخشنة. عند تخفيض نسبة العلف المالئ بالتغذية إلى 30% وأقل من المادة الجافة فإن نسبة الدسم تنخفض إلى 2% وأقل ويجب تقديم 1.5% من وزن الجسم  علف خشن لمنع خفض نسبة الدسم وإن زيادة الحبوب في التغذية زيادة عالية تؤدي إلى خفض نسبة الألياف وبالتالي نقص نسبة الدسم. ويلزم على الأقل 15-17% ألياف خام في الغذاء كما أن تقديم بيكربونات الصوديوم أو البوتاسيوم أو كربونات المغنزيوم أو أكسيد المغنزيوم يؤديان إلى رفع نسبة الدسم بالحليب وإن الأعلاف الحاوية على أعلاف مالئة مجروشة أقل من 1/8 بوصة  أو الأعلاف الخضراء الطرية الربيعية يؤديان إلى خفض الدسم في الحليب

إن تخفيض نسبة البروتين بالعلف يؤدي إلى نقص بالإنتاج وإن زيادة البروتين فوق الاعتيادي لايؤدي إلى زيادة الحليب وإنما يؤدي إلى زيادة طفيفة في نسبة البروتين بالحليب. السكر إذا نقص في الغذاء يؤدي إلى نقص ضعيف بنسبة اللاكتوز بالحليب

فيتامين أ – د لايمكن تصنيعها في جسم الحيوان لذلك فنسبتهما في الحليب تعتمد على وجودهما في الغذاء المقدم، أما فيتامين د فيتأثر وجوده بالحليب على تعرض البقرة لأشعة الشمس. العناصر المعدنية ( اليود – الحديد) ضرورية فالضرع في الحقيقة يأخذ اليود من الدم ويعتبر اليود هاماً للغدد الدرقية والحديد يوجد بالعلف وكميات كبيرة من الحديد تقدم لزيادة نسبة الحديد بالدم. المعادن الموجودة في العليقة فانها لا تؤثر علي نسبتها في الحليب زيادة أو نقصان.  ان الحيوان يتمكن من تخليق الدهون من عليقة خالية منها ولكن من الممكن الحصول علي زيادة قليلة في كمية الدهن والحليب المنتج عندما تكون العليقة حاوية علي نسبة من الدهون ، استعمال الدهون غير المشبعة (زيت السمك) في تغذية الحيوان يؤدي الي انخفاض كبير في نسبة الدهن.

عمر الحيوان Animal age

مكونات الحليب تتأثر ايضا بعمر الحيوان ، حيث ان كمية الدهن تميل الي الانخفاض مع تقدم عمر الحيوان وفترات الحلب. لكن هذا النقص قليل لايتعدي 0.2% خلال عمر الحيوان. تزيد نسبة الاحماض الدهنية غير المشبعة مع تقدم العمر حيث تبلغ نسبة الدسم بالحليب تتناقص بنسبة 0.2-0.4% مابين موسم الإدرار الأول وموسم  الإدرار الخامس ونسبة السكر بالحليب تتناقص. فالحيوانات تعطي نسبة دهن عالية خلال الموسم الاول والثاني ثم تقل نسبة الدهن بعد ذلك ويتبع ذلك تغير في نسبة البروتين.

مرحلة الحلب Lactation period

يتغير تركيب الحليب بصورة واضحة مع تقدم مرحلة الحلب ويكون التغير علي اشده عند بداية ونهاية الفترة. فاللبأ يحتوي علي كميات اكبر من المعادن والبروتينات وكمية اقل من اللاكتوز،أما بالنسبة للدهن فقد تكون كميته أقل أو اكثر من الحليب الاعتيادي ، ثم بمرور الزمن يقترب تركيب اللبأ من تركيب الحليب العادي خلال اربعة ايام.البروتين أبطأ المكونات في الانتقال والتحول.  سكر الحليب يكون ثابت تقريبا طوال فترة الحليب مع انخفاض بسيط في نهاية الفترة.

ايضا هناك ارتباط بين كمية الحليب ونسبة الدهن فيه حيث تكون علاقة عكسية إي كلما زاد الانتاج من الحليب تنخفض نسبة الدهن وبالعكس. اي ان نسبة الدهن تكون تكون في بداية موسم الحليب مرتفعة ثم تنخفض بزيادة انتاج الحليب اليومي حتي الاسبوع الرابع الي السادس ثم تبدأ بالارتفاع تدريجيا بانخفاض انتاج الحليب اليومي في اخر مراحل الحليب وقرب جفاف الحيوان يقل الانتاج وبالتالي ترتفع نسبة الدهن

.  

أوقات الحليب أوالفترات الحلب Milking time

تؤثر الفترة بين حلبة واخري علي نسبة الدهن وليس علي المواد غير الدهنية. اذا حلب حيوان علي فترات متساوية فغالباً ما تكون نسبة الدهن متساوية. واذا كانت الفترة غير متساوية يكون الحليب في الفترة الاطول اقل في نسبة الدهن. إي ان نسبة الدهن تتناسب عكسياً مع طول الفترة التي قبل الحلب. وينخفض الدهن في اللبن الناتج عقب الفترة الاطول. تكون نسبة الدهن اقل في الحلبة المسائية عن الحلبة الصباحية. وقد يرجع ذلك الي تأثير درجات الحرارة أو نوع المجهود الذي يبذله الحيوان في البحث عن الغذاء. أما اذا طالت الفترة بين الحلبتين فان نسبة الدهن تنخفض وذلك يرجع الي ان إطالة المدة بين الحلبات يسبب زيادة ضغط الحليب داخل الضرع مما يسبب عدم افراز الدهن في الحليب بصورة كافية.

 موسم الولادة  Parturition time   

لموسم الولادة أوفصول السنة تأثير علي مكونات الحليب. فالتأثير المباشر مثل درجات الحرارة، فالجو البارد يساعد علي رفع نسبة الدهن علي عكس الجو الحار. فنسبة الدهن تزيد بمقدار 0.8% كلما انخفضت درجة الحرارة حوالي 10ف، وكذلك الحال بالنسبة للمواد الصلبة غير الدهنية. اما تركيز الكالسيوم والفسفور اقل في الصيف عنهما في الشتاء بينما العكس بالنسبة للكلوريد.  وبشكل عام دسم الحليب يزداد شتاء وينخفض في الصيف إذ أن ارتفاع درجة حرارة الجو فوق 20 درجة تقلل من إنتاج الحليب بشكل أكثر من إنتاج الدسم الذي تزداد نسبته في الحليب. التاثير غيرالمباشر متمثل في توفر الاعلاف خلال فصول السنة.

بداية ونهاية الحلب:

ان الحليب الاول يكون قليل الاحتواء علي الدهن. بينما يكون الجزء الاخير ترتفع فيه نسبة الدهن. ايضا شكل حبيبات دهن الحليب الاول تكون صغيرة أما دهن الحليب الاخير تكبر حبيباته

الامراض ( التهاب الضرع)

نتيجة اصابة الحيوانات بالامراض ينخفض انتاج الحليب وبالتالي ترتفع نسبة الدهن. ففي حالة اصابة الضرع بالالتهاب تحدث تغييرات اساسية حيث تنخفض مكونات الدهن والمواد الصلبة اللادهنية وزيادة بروتينات الشرش والكلوريد. ونتيجة لانخفاض نسبة اللاكتوز تندفع املاح الدم الي الحليب لتوازن الضغط الازموزي.

تأثير التهاب الضرع على مكونات الحليب:-

ü     بروتينات الحليب: تقل كمية الكازين وتزداد كمية اللاكتوالبيومين واللاكتوجلوبيولين

ü     اللاكتوز (سكر اللبن):  تقل نسبة اللاكتوز بدرجة ملحوظة

ü     الأملاح (الكلوريدات):  تزداد كمية الكلوريدات بصفة خاصة وعليها تزداد نسبة الأملاح.  

ü     تفاعل الحليب:   تقل حموضة الحليب ويميل إلى القلوية

ü     الإنزيمات:  تزداد كمية الكتاليز والاختزال بزيادة أعداد خلايا الجسم والدم والميكروبات كما تزداد كمية إنزيم الفوسفاتيز والاميليز.

ü     الخلايا الجسدية:  ترتفع أعداد الخلايا الجسدية لأكثر من 500000/مل في الحليب مع ظهور خلايا الدم البيضاءخاصة اللمفية والمتعادلة وفي الحالات المتقدمة يمكن تواجد كريات الدم الحمراء

ü      طعم الحليب:  يميل طعم الحليب إلى الطعم الملحي وذلك نظرا إلى نسبة الكلوريدات به.

ومن المعروف أن هذه التغيرات تحدث في مكونات الحليب أثناء التهاب الضرع بطريقة معينة وذلك بغرض الحفاظ على الضغط الاسموزي داخل الضرع .